أسس مسؤولية الصيرفي عن القطع التعسفي للاعتماد ونطاق التعويـــض

يعتبر القطاع المصرفي في اقتصاديات الدول ركيزة أساسية في دفع الاستثمار والتنمية كما أن تطور وازدهار النشاط المالي بصفة عامة يساهم في استقرار الوضع الاقتصادي لتلك الدول.

إن بناء الثقة في المجال المالي والاقتصادي بشكل عام يعد من أبرز عناصر نجاح الاقتصاديات وازدهار الاستثمار بها ولعلّ ذلك ما يفسر ظهور مقاربة الحوكمة الرشيدة والتي ترتكز أساسا على فكرة الشفافية وتحمل المسؤولية من طرف المتعاملين في المجال المالي والاقتصادي. وحتى يكون ذلك واقعا مكرسا في التعاملات المالية والاقتصادية يجب سن القوانين والتراتيب والقواعد والتوجيهات ومدونات السلوك وحتى الأعراف وأخلاقيات الأنشطة المالية والاقتصادية.

وبالنسبة لحال القطاع الصيرفي في تونس نلاحظ حضور التشريعات سواء التقليدية منها من قانون مدني وتجاري إضافة إلى النصوص الترتيبية والتوجيهية للقطاع. فضلا عن النصوص الجديدة المتعلقة بالشفافية والنزاهة ومبادئ الحوكمة الرشيدة. لكن الإشكال القائم هو ابتعاد الممارسة المصرفية على التشريعات التي تحكم نظام القطاع يضاف الى ذلك عدم احترام واجبات الصيرفي المهنية الأمر الذي أضرّ ضررا كبيرا بالمؤسسة الاقتصادية المقترضة بل وأيضا بالمؤسسة المالية المقرضة أو مانحة الاعتماد والتي في كثيرا من الأحيان لا تفرق بين عديد الوضعيات المختلفة قانونا والتي غالبا ما تعتبر حريفها مجرد مقترض لمبالغ مالية والذي يبقى بتلك الصفة تحت شروط تفرضها عليه. هذا السلوك يؤدي في عديد الأحيان إلى التعسف على القوانين والتراتيب التي تنظم القطاع المصرفي الأمر الذي يؤدي إلى تحميل الصيرفي مسؤولية مدنية ومهنية وجزائية يتعدى نطاقها في بعض الأحيان التعويض في إطار المسؤولية المدنية التقليدية.

المبحث الأوّل: أسس مسؤولية الصيرفي عن القطع التعسفي للاعتماد

لقد جاء بالفصل242 م.إ.ع : « ما انعقد على الوجه الصحيح يقوم مقام القانون فيما بين المتعاقدين ولا ينقض إلا برضائهما أو في الصور المقررة في القانون « .

كما نص الفصل 243 م.ا.ع : « يجب الوفاء بالالتزامات مع تمام الأمانة  ولا يلزم ما صرح به  فقط بل يلزم كل ما ترتب على الالتزام  من حيث القانون أو العرف أو الإنصاف حسب طبيعته ».

حيث انه أثناء تنفيذ الالتزام تكون على عاتق الصيرفي عديد الواجبات التي تجد مصدرها في الفصل 243 م .إ.ع. المذكور وكذلك قواعد و أعراف النشاط الصيرفي المكرسة  في الممارسة البنكية و أدبيات مهنة الصيرفة.

وأكد الأستاذ الجامعي والمحامي البشير بن الحاج  يحي[1] « إن البنك هو حر في منح أو عدم منح القرض للمؤسسة  التي  تطلبه لكنه إذا ما عقد فتح إعتماد مع تلك المؤسسة أصبح ملزما تجاهها تعاقديا إذ أن ذلك الإتفاق هو التزام لتقديم دعم مالي  للحريف  فالبنك يتحمل مسؤوليته التعاقدية إذا ما أخل بذلك الوعد وتحميل مسؤولية البنك تثار من طرف المعني الأول وهو طالب القرض بناءا على الرجوع التعسفي في القرض. إذ أن أول التزام على عاتق المصرف هو تنفيذ الإلتزام كمهني جيد. « Exécution en bon  professionnel

كما أنه كما بين ذلك الفقيه  بوتي « الإلتزام بعمل شيئ هو الإلتزام بانجازه بطريقة مفيدة[2]

وخاصة فيما يتعلق بالعقود[3] والإتفاقات المبرمة من المهنيين  بمعنى أن المهني وجب عليه « تنفيذ الإلتزام بأكمل وجه ممكن ».

فالصيرفي محمول عليه واجب إحترام مصلحة حريفه كما جاء قانون الإتحاد الأروبي تحت عدد 93-13 بتار يخ 5 أفريل  1993  » واجب حسن النية يمكن مراعاته من طرف  الحر في  بالتعامل الأخلاقي والمنصف مع الطرف الآخر بأخذه في الاعتبار مصالحه المشروعة ».

حيث كما بين  ذلك الفقيه بيكو يجب على الصيرفي أن يتجاوز رغبته  الأنانية  ليسهل نجاح مشروع حريفه[4] .

وبما أن العقد المبرم لا ينص على ذلك ولكن مبدأ تنفيذ العقد بحسن نية وأمانة والالتزام بكل ما يلزم حسب القانون أو العرف والإنصاف طبق الفصل 243 م إ.ع .

وذلك ما كرسته محكمة الإستئناف بتونس تطبيقا للفصل المذكور مؤكدة ما يلي : »على البنك أن يمتنع من القيام بأي عمل من شأنه التنقيص مما يتمتع به الطرف المقابل من المنفعة » وهو موقف جاء بمجموعة قرارات أعداد 32194 – 32192 -35985 –  32908 – 15229 بتاريخ 9 جويلية 1997.

وفي نفس الإتجاه على لسان الفقيه Gustin غستان أن « مبدأ حسن النية هو مرادف للصدق والصراحة وبصفة أشمل النزاهة ».

كما ذهبت محكمة استئناف تونس في نفس الإتجاه في قرارها عدد 32149 الصادر بتاريخ 9 جويلية 1997 مؤكدة « أن عقد القرض المبرم بين الطرفين هو احدى العقود الخاصة التي تتطلب قدرا فائقا من الثقة و حسن النية ».[5]

وهذا المنحى هو فقه قضاء مستمر لمحكمة التعقيب التونسية وقد تكرّس في قرارها.

بدوائرها المجتمعة عدد 2010/57094 المؤرخ في 30 ماي 2013 الذي أكد ما يلي:

– قرار تعقيبي عدد 30304 مؤرخ في 23 مارس 2004 « طالما أن الإعتماد المفتوح لفائدة المعقب ضدها كان محدد السقف دون تحديد المدة فإن المعقب يكون مطالب بإحترام إجراءات التنبيه المسبق المنصوص عليه بالفصل 705 من المجلة التجارية »[6]  .

– قرار تعقيبي عدد 15561 مؤرخ في 1 جويلية 2007 صادر عن الدائرة الخامسة « حيث ربطت  محكمة التعقيب بين الفصل 411 م. ت والفصل 107 م.إ.ع والفصلان 705 و706 من م. ت وذلك بإعتبار أن المشرع قد منع الرجوع التعسفي لإتفاقية فتح إعتماد بصفة عامة ضمن الفصلان  705 و 706 من م. ت. وكذلك بنص خاص وهو الفصل 411 من نفس المجلة. »

حيث أنه في الحالة الأولى الرجوع في الإعتماد يعطي الحق في تتبعات مدنية وفي الحالة الثانية تتبعات جزائية أيضا.

و في نفس  الإتجاه  نجد قرار صادر  عن محكمة الإستئناف  بتونس  تحت عدد 24537 مؤرخ في 26/09/2002 حيث أكدت كل من  محكمة الإستئناف  و محكمة التعقيب أن البنك ليس له الإمتناع من دفع صك طالما هناك  عقد اعتماد مع  الساحب[7].

وهو ما كرسته أيضا محكمة الإستئناف بتونس في قرارها عدد 40207 المؤرخ في 22 أكتوبر 2008. حيث أن مجرد سكوت البنك على تجاوز مبلغ الإعتماد المتفق عليه مع الحريف يعد موافقة ضمنية من البنك على ذلك التجاوز تقوم مقام الإتفاق  الذي يلزم البنك بعدم الرجوع في سقف الإعتماد دون اتباع الإجراءات  المنصوص عليها طبق  القانون[8].

وحيث قضت الدائرة التجارية بالمحكمة الإبتدائية  بقابس تحت عدد 737  بتاريخ 29 جوان 2009 لصالح دعوى التعويض بخصوص قضية تعلقت  وقائعها  أن البنك رجع في قرض  بعد أن كان  تعاقد مع حريفه لمنحه إياه ( قرار غير منشور).

وحيث تم تكريس مبدأ تطبيق العقد بحسن نية بخصوص فتح الإعتماد وعقود إسداء القرض في جانب الصيرفي ضمن مجموعة واجبات والتزامات فرضتها أيضا قواعد وعرف  النشاط الصيرفي وهي التالية :

1- واجب تنفيذ العقد كمهني جيد : devoir  d’exécution  en bon professionnel

2- واجب الولاء و الثقة : devoir de loyauté et confiance

3- واجب المساعدة و التعاون : devoir de coopération

4- واجب الحذر و الحيطة : devoir de vigilance

5- واجب الشفافية : devoir  de transparence

6- واجب المثابرة و المتابعة :  devoir  de persévérance

7- واجب النصح والتوجيه :  devoir de conseil

8- واجب السلامة والحماية : devoir de sécurité

9- واجب التمييز :  devoir  de discernement

هذا التوجه مكرس أيضا في الفقه التونسي والمقارن.

 » La faute professionnelle du banquier est l’élément le plus spécifique de cette responsabilité. Elle est, selon les cas, de nature contractuelle ou délictuelle ou quasi délictuelle, mais elle constitue toujours une faute professionnelle appréciée, dés lors, par rapport au comportement d’un «bon banquier» (bonusargentarius) placé dans la même situation. Ce qui n’implique aucunement l’existence d’une faute lourde. Une faute professionnelle comprend la même gradation de culpabilité (légère ou lourde, voire dolosive) que toute autre faute. Elle s’apprécie en fonction des relations des parties, du marché, de la conjoncture et du niveau de diligence convenu. Les pratiques et usages sont un paramètre non négligeable d’appréciation de l’attitude reprochée au banquier. La violation d’engagement accessoires ou implicites est aussi reprochable que le manquement à des obligations formelles ou expresses (conseil…)[9] »                 وحيث أكد ذلك أيضا الفقيه بالقول:

« Un des cas où le banquier peut encourir une responsabilité envers son client, emprunteur, est celui de la révocation d’une ouverture de crédit. A l’ égard d’un particulier, ce type de crédit prend généralement la forme d’un accord de découvert: le client à la faculté d’être débiteur sur son compte, dans une certaine limite, en contrepartie de quoi des agios sont perçus à préposition. Souvent la convention est à durée indéterminée. Comme tout accord de ce type, elle peut donc être résiliée unilatéralement, à tout moment.

Encore faut-il cependant, que la banque n’agisse pas avec brusquerie: elle doit respecter un certain préavis, c’est-à-dire avertir à l’avance le client, de manière que ce dernier soit à même de prendre ses dispositions, à défaut de quoi elle s’expose à réparer le préjudice causé.

Des difficultés s’étant fréquemment élevées à cet égard dans les rapports entre banques et entreprises, l’art 60 de la loi du 24 janvier 1984, dite loi bancaire, régit désormais la situation. Il déclare que  » tout concours à durée indéterminée, autre qu’occasionnel, qu’un établissement de crédit consent à une entreprise ne peut être réduit ou interrompu que sur notification écrite et à l’expiration d’un délai de préavis fixé lors de l’octroi du concours ». »La disposition est assez rigoureuse. »[10]

كما جاء أيضا في مرجع القانون التجاري لريبار و روبلو

« Tout  concours à durée indéterminée autre qu’occasionnel, qu’un établissement  de crédit consent  à une  entreprise ne  peut  être réduit ou interrompue que sur notification écrite et à l’expiration d’un délai de préavis fixé lors de l’octroi du concours » (art .60, al 1). La notification n’est  pas nécessairement  formelle, mais doit être dénuée d’équivoque (com. 15 mai 1993, Bull. cass, 4, n° 189, RTD com, 1993 ,552). Les crédits « consentis à une entreprise » s’entendent sans doute des crédits à usage professionnel, mais la notion de « concours autre qu’occasionnel » est de nature à soulever l’hésitation dans certains cas[11].

Le « préavis  fixé lors de l’octroi de concours» doit être suffisant pour que le client  puisse trouver ailleurs les crédits qui lui sont nécessaires. Les délais de préavis stipulés actuellement par l’ensemble des banques sont de 60 jours pour les découverts et de 30 jours pour les crédits d’escompte ou de mobilisation de créance commerciale. Les dispositions de l’art.60 sont naturellement  impératives[12] .

 

 

 

Dans ces hypothèses, le banquier n’est pas moins tenu de notifier sa volonté par écrit[13].Si l’établissement de crédit interrompt brusquement son concours ce qui n’est pas le cas en cas de refus de délivrer des chèques[14]

ونخلص إلى الأتي مسؤولية البنك هي مسؤولية مدنية قانونية وجزائية وعقدية ومهنية:

  • مدنية: إستنادا للقانون المدني العام (الفصول 242-243-277-278) والقانون التجاري الخاص الفصلان 705 و 706 م.ت.
  • جزائية: الفصل411 تجاري والفصل 291 جزائي المتعلق بالتحيل بإعتبار أن الأمر يتعلق حسب ما جاء بالفصل المذكور « …إقناع الغير بوجود مشاريع لا أصل لها في الحقيقة أو نفوذ أو إعتماد وهمي أو التي من شأنها بعث الأمل في نجاح غرض من الأغراض… »
  • عقدية: بموجب عقد فتح الإعتماد.
  • وخاصة وبالأساس هي مسؤولية مدنية مهنية responsabilité civile professionnelle

وهي أيضا كما سبق بيانه هي مسؤولية مبناها الانضباط المهني responsabilité rigoureuse

وبما أن البنك هو مهني وحرفي يمثل مؤسسة تجارية مالية لها من الإمكانيات المادية والبشرية والمعنوية لا يمكن مقارنتها بالحريف  فضلا وأن العلاقة هي علاقة إذعان بين الحريف والبنك على الأقل في ظاهرها باعتبار و أن الحريف هو الذي في حاجة إلى فتح الاعتماد .

وحيث أنه في الواقع البنك هو المستفيد من فتح الإعتماد ضرورة أنه يثقل مصاريف تلك الخدمات على كاهل حريفه يضاف إلى ذلك أنها علاقة غير عادلة لأن البنك هو في كل الحالات يثقل ويقتطع مستحقاته المختلفة والكثيرة من حساب الحريف مهما كان وضع الحريف في نشاطه  الاقتصادي بل أن البنك هو أول من يزاحم لضمان مستحقاته.

وعادة ما يتسبب البنك في الإضرار بحرفائه عند إدراجهم ضمن المؤسسات التي لم تعد تفي بتعهداتها لدى مركزية المخاطر بالبنك المركزي لمجرد مواجهة الحريف لبعض الصعوبات.

وبالتالي فإن قاعدة من له النما عليه التوا بالفصل 554 م.إ.ع. وينطبق على حال المهني « الداخل في الربح الخارج من الخسارة « والمضمن لمستحقاته كاملة بل وهو الذي قد يضر بحرفائه بمثل تلك السلوكات.

وبناء على ما تقدم فإن التعويض المحكوم به ضد الصيرفي هو تعويض يجب أن يكون في مستوى درجة المسؤولية وخطورتها أي يجب أن يكون تعويضا شاملا عادلا ومنصفا وفي مستوى المسوؤلية المهنية  « réparation rigoureuse ».

وقد جاء بخاتمة  كتاب الأستاذ  حمادي بن لخضر رائد مرجع سابق صفحة 445 ما يلي: » خلال كامل هذه الدراسة  حاولنا تسليط الضوء على خصوصية المسؤولية المدنية للصيرفي وتدقيق مضمونها ونطاقها .فالمسؤولية المدنية للصيرفي هي مسؤولية مهنية  وهي بالأخص مسؤولية إنضباط ».                                   

La responsabilité civile du banquier est une responsabilité professionnelle. Elle est surtout une responsabilité rigoureuse. »

المبحث الثاني: نطاق التعويض عن القطع التعسفي عن الاعتماد

وهو ما ذهب إليه فقه القضاء والفقه على اعتبار وأن المبدأ في المسؤوليّة المدنيّة هو التعويض والتعويض يكون شاملاla pleine réparation  ويؤخذ هذا بالنّسبة للضّرر المادّي من الفصل 278 م.ا.ع. حيث حدّد عنصري الضّرر بقوله « الخسارة عبارة عمّا نقص من مال الدّائن حقيقة وما فاته من الرّبح ».

يتبيّن من هذا الفصل أن العنصر الأوّل في تقدير الضرر المادّي يتمثّل فيما لحق الدّائن من خسارة ماليّة وعنصر ثاني وهو ما فاته من ربح كفوات فرصة صفقة رابحة أمّا الضرر المعنوي فهو لا يتحلّل إلى هذين العنصرين وإنّما يقدّر جملة وللقاضي سلطة أوسع في هذا المجال.

ويجري تقدير القضاء للتعويض على أساس هذه القواعد العامّة فيشمل التّعويض على تغطية الضّرر الذّي تسبّب فيه خطأ المصرف وهو يشمل خسائر الاستغلال الناتجة عن توقّف المشروع عن الدّفع نتيجة الرّجوع المفاجئ كما يغطّي الكسب الفائت ويمكن أن يثبت الحريف أن المشروع كان يترقّب إبرام صفقات معتمدا على ما يتمتّع به من أموال بفضل الاعتماد البنكي لكن جاء الإنهاء مبدّدا لفرصة الكسب الّذي كان يأمل في تحقيقه وعادة ما يقع اللّجوء إلى أهل الخبرة لتحديد عناصر الضرر ويقع تعويض الحريف عن الضرر المعنوي كما إذا صحب الرّجوع تشهيرا بوضعيته الماليّة أو تعرّض إلى تتبعات جزائيّة.

إذ نص الفصل 273 م. إ. ع. »إذا حل الأجل و تأخر المدين عن الوفاء فللدائن الحق أن يغصب المدين على الوفاء إذا كان مـــمكنا وإلا فسخ العقد مع أداء ما تسبب عن ذلك من الخسارة في كلتا الحالتين ».

وحيث جاء بالوسيط  في شرح القانون  المدني الجديد الجزء الثاني للفقيه عبد الرزاق أحمد السنهوري الطبعة الثالثة بيروت 1998 ص 823 ما يلي  » فإذا  أصبح التنفيذ العيني للالتزام مستحيلا بخطأ المدين ،لم يبق إلا التنفيذ بطريق التعويض و يعتبر   التنفيذ العيني  للالتزام مستحيلا إذا كان هذا التنفيذ  يقتضي تدخل  المدين الشخصي امتنع هذا عن التنفيذ. »

كما جاء في قرار تعقيبي مدني عدد 4252 مؤرخ في 17 نوفمبر 1981 « أحكام الفصل 277 م. إ.ع. الواردة بإتاحة الحق للدائن في القيام بالخسارة عند عدم الوفاء بالعقد أو المماطلة فيه غير حائلة دون لجوئه إلى أحكام الفصل 273 قبله القاضية بحقه في أن يغصب المدين على الوفاء إن كان ممكنا « [15].

ونص أيضا الفصل 277 م.ا.ع. »عدم الوفاء بالعقود أو المماطلة  فيها  يوجبان القيام بالخسارة ولو لم يتعمد المدين ذلك. »

وما أكده القرار  التعقيبي المدني عدد 12042 مؤرخ في 31 أكتوبر 1985 « إذا لم يفي أحد المتعاقدين بما التزم به أو خالف  العقد فجأة  في غير وقت لائق و بدون عذر كاف جاز للآخر أن يطالبه بما تسبب فيه من الخسارة « .[16]

أما الفصل 278 م.ا.ع. فقد نص على أن : »الخسارة عبارة  عما نقص من مال الدائن حقيقة وعما فاته من الربح من جراء عدم الوفاء بالعقد واعتبار الأحوال الخاصة  بكل  قضية موكول  لحكمة  القاضي وعليه أن يقدر الخسائر ويجعل فيها تفاوتا بحسب خطأ المدين أو تغريره ويحكم بهذا الغرم دون أن يلزم الدائن بإثبات حصول أي خسارة، و يكون الغرم اعتبارا من اليوم الذي صدر فيه إنذار للمدين من طرف الدائن ويمكن  للدائن الذي  حصل له بسبب سوء نية مدينة ضرر زيادة على المماطلة أن  يتحصل على جبر ضرره و ذلك  بقطع النظر على الفائض المعين لغرم المماطلة « .

وحيث جاء بالفصل 107 من مجلة الالتزامات والعقود ما يلي: »الخسارة الناشئة عن جنحة أو شبهها تشمل ما تلف حقيقة لطالبها وما صرفه أو لا بد أن يصرفه لتدارك عواقب الفعل المضربة والأرباح المعتادة التي حرم منها بسبب ذلك الفعل وتقدير الخسارة من المحكمة يختلف باختلاف سبب الضرر من كونه تغريرا أو خطأ. »

حيث جاء بفقه قضاء محكمة التعقيب ما يلي:

« يعتمد في تقرير الغرم المادي على نسبة الخسارة والأرباح المعتادة التي حرم منها المتضرر بسبب عواقب الفعل المضر به »[17].

« تقرير الأدلة وغرامات تعويض الضرر أمر موكول لمطلق اجتهاد محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك ما دام رأيها معللا تعليلا مستساغا مستمدا مما له أصل ثابت بالأوراق وما دامت تقديراتها لغرامات تعويض الضرر في حدود عناصر الضرر والمبلغ المطلوب »[18].

« إن تقدير الغرامتين المادية والمعنوية خاضع لمحكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك ما دام رأيها معللا مستساغا مستمدا مما له أصل ثابت بالأوراق ومبرزا لمختلف العناصر اللازمة للتعويض »[19]

« إن المشرع عرف بمقتضى الفصل 107 من مجلة العقود والالتزامات الخسارة وبين حقيقتها وما تنصرف إليه مشمولاتها لكنه أوكل في نفس الوقت لمجلس القضاء أمر التعويض عنها فجعل التقدير رهين اجتهاده لكن مع الإشارة إلى أن الغرم المستحق للمتضرر يختلف مقداره باختلاف سبب المضرة عما إذا كان منشؤه تغريرا أو خطأ وفي ذلك إيحاء بطرف غير خفي إلى أن الاجتهاد المتروك لقضاة الموضوع وإن كان مطلقا من جهة التقدير لكنه مقيدا من ناحية التسبيب وعلى هذا الاعتبار درج عمل هذه المحكمة وعلى وتيرته صيغت مختلف قراراتها القائمة أساسا على اعتبار أن المحكمة لها مطلق الحرية في الاجتهاد عند تقدير غرامة التعويض لكن ذلك رهين ما تبرزه من العناصر التي اعتمدتها في الغرض وبشرط التقيد بحدود المضرة الناشئة مباشرة عن الفعل الضار أعم من إن يكون خطأ أوتغريرا »[20].

« يؤخذ من الفصلين 83 و107 من مجلة الالتزامات والعقود إن من ارتكب جنحة أو شبهها ملزم بجبر الضرر كاملا بما يؤدي إلى تدارك عواقب الفعل المضر وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول الضرر »[21].

« القاعدة العامة التي جاء بها الفصل 107من م.إ.ع. التي تقتضي بان يكون التعويض كاملا وموفيا بجبر الضرر وتدارك عواقب الفعل المضر بصورة شاملة وهو ما يحدد بطريقة معينة لتعويض أضرار مخصوصة تطبقها المحكمة دون توقف على من ينتفع بتحديد التعويض المقرر بالفصل المذكور وذلك كلما رأت المحكمة توفر الشروط المطلوبة »[22].

« طالما أن الخسائر والخطايا موضوع الطلب ترتبت نتيجة إرجاع الشيكات من طرف البنك وعدم الوفاء بالتزاماته فان مسؤولية هذا الأخير عن الخسائر تكون ثابتة وشاملة لجميع الأضرار التي لحقت الساحب وكذلك جميع المصاريف التي بذلها قصد تدارك هذه الأضرار عملا بإحكام الفصل 107 من م.ا.ع. »[23].

و في نفس السياق بيّن مازو بخصوص مبلغ التعويض مايلي:

« La responsabilité civile ne saurait avoir une importance réelle que si les tribunaux accordent des indemnités couvrant véritablement les dommages. On peut ici noter une évolution dans la jurisprudence: les décisions récentes renoncent à la timidité dont, trop souvent, les juges faisaient preuve dans la fixation des dommages-intérêt. Des indemnités atteignant plusieurs centaines de milliers de francs sont parfois accordées. De plus, pour éviter à la victime les inconvénients des dépréciations monétaires, c’est à la date de leur décision, et non à celle ou’ le dommage a été réalisé, que les tribunaux se placent pour chiffrer le préjudice; mieux encore, la Cour de cassation les autorise à indexer les rentes viagères qu’ils allouent. Les tribunaux s’efforcent, de plus en plus, de placer la victime dans une situation équivalente à celle ou elle se trouverait si le dommage ne s’était pas produit » Tel est bien le rôle de la responsabilité civile. »[24]

وحيث في نفس الاتجاه جاء على لسان الفقيه ستارك مايلي:

 » La décision qui refuserait l’indemnisation du « préjudice futur », du « dommage moral », de la « perte d’une chance », des « dommages par ricochet », etc. admise par la jurisprudence, s’expose à la cassation[25].  »

البشير  بن الحاج  يحي « مسؤولية الصيرفي المانح للإعتماد », أعمال ملتقى نظمته وزارة العدل حول مسؤولية الصيرفي,  مركز الدراسات   القانونية و  القضائية بتاريخ 18 فيفري 1999 جزء فرنسي ص 31  ما يلي   [1]

[2] LeTourreau Ph.,  La responsabilité civile professionnelle,  p. 57. Gmp.Cons.1re. 11juin.  1996 .1007.obs.D.Mazeaud.RTD .Civ.425.obs.J.Metre.Aux terms de cette décision le débiteur est tenu d’executer le contrat  aux mieux des intérets de son créancier.

[3] Pothier, De la vente, Paris, 1825 n° 202.

[4] Picod V., L’obligation de coopération  dans l’exécution du Contrat, J.C.P.,1988 I.3318 p.120.

 

[5]  » يمكن  في هذا  المضمار  الرجوع  إلى مؤلفات الفقهاء  في القانون البنكي وقانون الأعمال وهم:

1-حمادي بن لخضر الرائد ،المسؤولية المدنية للصيرفي،مجمع لطرش للكتاب المختص 2009 –

2-Christian G. et Stouflet J., Droit bancaire, éd. Jurisclasseur, Paris, 2002.

3- Grua F., Les contrats de base de  la pratique bancaire, éd. Litec, Paris, 2000.

4 –Neau P. – Leduc, Droit bancaire, éd.  Dolloz, Paris, 2003.

5- Dekeuer-Défossez F , Droit bancaire,7 éd , Delloz, Paris, 2001.

 

 ن.م. ت. 2004 الجزء الثاني ص 229[6]

الأخبار القانونية جوان 2008 ص 13 ج فرنسي[7]

الأخبار القانونية  أفريل 2009 ص29  ج فرنسي[8]

[9] GAVALDA Ch. et Stoufflet J., Droit bancaire, 5ème éd., Litec, éditions du juris-classeur, Paris, 2002, p.140-141.

 

[10] Huet J.,Traité de droit civil,  sous la direction de Jacques Ghestin, L.G.D.J., 1996, p.908-909.

[11] voy .com., 2juin1992, Bull.cass., 4 n°212; 30 juin 1992, Bull.civ IV. n° 251, Rev .dr.banc ., 1992,246, JCP. 1993, éd .E., 1, 240, n° 13, obs.GAVALDA et STOUFFLET.

[12] ( Comp .Cass . com ., 10 juin 1997 , Bull. civ IV,      n°175,RTD com., 1997,obs. CABRILLAC  ; voy. égal., Rives-LANGE, Mélanges AEDBF, 1997,282(…)

[13] (Cass.com.,19 février 1991, Banque, 1991, 432, obs. RIVES-LANGE,RTD com.,1991 ,421, D.1992.Som.28,obs. VASSEUR; 3 decembre 1991, R.J.D.A., 1992, p.46)

[14] (Cass. Com.6 mai 1997, RTD com., 1997,488, obs. CABRILLAC,JCP , 1991 éd.E,996). »

Ripert (G.) et Roblot(R.), Traité de droit Commercial, L.G.D.J.;16ème éd., Paris, 2000, p.409.    

 م ق ت عدد 7 لسنة 1982 ص102[15]

 م ق ت عدد 8 لسنة 1987 ص 81.[16]

ق ت م عدد 12877 مؤرخ في 18 مارس 1985 [17]

ق ت م عدد 11319 مؤرخ في 10 ماي 1985. [18]

ق ت م عدد 24646 مؤرخ في 9 جانفي 1990. [19]

ق ت م عدد 32459 مؤرخ في 23 ماي 1990. [20]

ق ت م عدد 19928 مؤرخ في 24 أكتوبر 1990. [21]

ق ت م عدد 24749 مؤرخ في 26 فيفري 1992. [22]

ق ت م عدد 38796 مؤرخ في 12 أكتوبر 1994 [23]

[24] Henri et Léon Jean Mazeaud, Leçons de droit civil, éd. Montchrestien, Paris, 1978, p.354.

[25] Stark B., Droit civil, éd. l’imprimerie Tardy-Querçy, 1978, p.324

 

 

Laisser une réponse

fr_FR